Wednesday, November 28, 2012

إلى عَالّيِة..

بالأمسِ رَقصّنا على "ليالي" لأنغام كثيرا وكنتُ ادور بكِ في ارجاءِ الغرفةِ في دوائرِ صغيرة متلاحقة وسريعة ، كنا نُطير بين الجُّدرانِ الاربعةِ وصوت ضحكتك العذبة يملأ أُذني بأنغام أجمل من الموسيقى.
بدأتِ تُناديني بأُميمّة..أُميمّة أُميمّة أُميمّة..ولا تستمعين لردي عليك وكَأنك سعيدة بالأسم وبترديده بشكلٍ متواصلٍ. كنتُ أُغار قليلا عندما بدأتي ترددي اسم عبدالله قبل اسمي رغم اني سعيدة بصداقتكم وحريصة على استمراريتها للأبد، ولكني أشعر بالغيرة عندما تتمايلي بإسمه في أَغنية من تأليفك، فقمتَ بتأليف واحدة خاصة بي "يا حبيبتي يا عالية" فتردين انتي بحماس "يا حبيبتي يا مي".
نعم لقد كنتي تَدللينني بـ "مي" أسمي القديم الذي بزغ من أَميمّة من سنواتٍ طويلة لا أَعرف عددها. والآن أنا ماما ومي وأَميمّة، ثلاث شخصيات تحوم حولك لتَسعدكِ تَحميكِ وتَلبي مطالبك.
بالأمسِ أيضاً أكلنا البَطْاطْا التي تُحبينها كما أكلنا البَقسماط والكيّك والزبادي ولم تنس أنتي البنانا بالطبع. أنتي الآن  تفضلي المَوز على التِفاح بل على كل الفاكهة الاخرى رغم إنك كنتي لا تستسيغيه ابدا منذُ ولادتك. الآن تُصلي، تعرفين كيف تَقفين ويدُك فوق صَدرك وتتمتمي بكلماتِ مبهمة ثم تَسجُدين وترفعِ أصبعك في التشهد وتُسلمي برأسك يمينا ويسارا ثم تأتي لتجلسي فوق قدمي بينما مازلت في منتصف صلاتي وتضحكين.
الأمسُ كان مُبهجٌ بطريقةٍ ما رغم وجودنا وحدنا في تلك المساحةُ الباردة من الحياة. نمتُ بجانبكِ في سريركِ الصغيرِ جدا وأنا في وضع القُرفصاء خائفة على مزاحمتك في حيزكِ الصغيرِ ولكنك كُنتِ كريمةُ معي وأخذتِ تربتين على خدودي بيدكِ الصغيرةِ وتغنين لي وحشتيني وحشتيني الخاصة بعمرو دياب.
لم تُخطر لي فكرة الكتابة إليك مُسبقا، ولكنها فعلا جيد نشكر "ست الحسن" الساحرة الطيبة التي زارتني في منامي لتقترح عليَّ مثل هذه الأفكار الجميلة مِثلك. وعدتك اليوم أن نخرجَ قليلا لنرى الشمس ونلعبَ معها، لا أعرف اذا كنت سأستطيع ان أفي بالوعد ولكني سأنظف الشرفة وسأنقل أرجوحتك إليها وسنمضي اليوم نتأرجح في الهواء لعلنا نقطم قطعة من السماء بأطراف أصابعنا.

Tuesday, November 20, 2012

ايام الثانوية لا تنتهي

لا اعرف كيف تدق الافكار باب عقلي الواعي كلما ذهبت للنوم وتحرمني منه ثم عندما استسلم لها وأصل للمدونة تختفي وتذوب..لا اعرف ماهية هذه الحالة ولا كيفية التعامل معها، يبدو ان تجاهلي لفعل الكتابة طوال 4 سنوات عن عمد سيجعل الافكار تنتقم مني انتقاما صارما.
تنتابني افكار عن جاكيت نبيتي اللون اشتراه لي ابي وكنت اكره ارتداءه ايام الثانوية فوق الزي المدرسي، فارتدي بدلا منه الهاي كول تحت القميص في صباحات الشتاء الباردة. كنت اتساءل في مرارة من اين تأتي البنات بالبلوفرات النبيتية الجميلة هذه؟ اين هذه المحلات التي تبيع تلك الملابس الانيقة؟ كانت تمنعني ثقتي بنفسي من السؤال..نعم انا اثق في الهاي كول الاسود وفي التنورة التي اقصرها قبل خروجي من بوابة بيتنا لتكون اقصر من البوت الاسود..بالكاد تلامس الركبة. اثق في الضفيرة الطويلة الكستنائية والشنطة السوداء رخيصة الثمن.

جاكيت اخر دابل فيس انبهرت به امي لقدرته الفائفة على التدفئة، وجه رمادي والاخر كحلي يشبه السترة التي يرتديها السلفيين في الشتاء فوق جلابيبهم القصيرة! جسد صغير لم يدخل عالم الانوثة المكتمل بعد، مختبئ بالكامل تقريبا داخل هذه السترة الكئيبة في الليالي الباردة التي تصاحب الدروس والمجموعات الدراسية. كان يذكرني بكآبتي الشخصية، بالملل الذي يصاحب المدرسة وبأبي الذي ظل طوال ايام الثانوية يهلل بصوت عال ويعلن للجميع انه لن يدفع مصاريف معهد خاص وان عليّ ان اجتهد بشدة حتى احصل على مجموع يؤهلني لجامعة حكومية. ولطالما قال ان "اخري معهد سنجر" والذي لا اعرف الى الان اين يكون!

جاكيت قصير ملون بالعرض بدرجات ألوان خضراء ورمادية والخلفية سوداء. اعطته السوستة مجالا ليكون مناسب للمراهقات الانيقات. طالما لبسته فوق بنطلون جينز "تلجي" اللون كما كانت الموضة تقتضي وقتها. وكنت ارفع شعري "ديل حصان" عالي ليصل الى اعلى منابت الشعر قرب الجبهة..كنت جميلة بشكل ما رغم الملل والكآبة والبكاء ليلا فوق اجندة المذكرات الخاصة بي

السترات الشتوية مازالت تسبب ازعاج بطريقة ما، فكثيرا منها يزيدني برودة حتى الان واحن الى الهاي كول الذي اغناني عن كل ما هو نبيتي، مازالت تذكرني بأبي وهو يحذر من المعاهد والجامعات الخاصة وربما بسخرية بعض الزميلات مما ارتديه ومن نظرة العتاب التي اوجهها الى امي عندما تصمم ان تختار لي ملابسي وفقا لمنظورها الخاص. تذكرني بمضيّ وحيدة في الشوارع بعد انتهاء اليوم المدرسي ومن خلفي شاب بسيط من المدرسة المجاورة  بيده وردة حمراء ومتسائلا اذا كنت سأوافق على مصاحبته ام لا. كل ذلك ولم استطع ان اكره الشتاء.

Thursday, November 8, 2012

عزيزتي غادة

يوماتي اجلس امام المدونة في محاولة للكتابة لك او لأي كتابة اخرى ولكني اغلقها بعد دقائق واعاود لأمارس ما كنت افعله. شجعتني رسالة أمير لك لا اعرف لماذا! ولكني وجدت في الكلمات المترددة ما يجعلني انهي ترددي بدوري واكتب اليك. لم تكن مفاجأة لي اندهاش الجميع من الفكرة، فكلنا كففنا عن كتابة الرسائل حتى رسائل الموبايل لم نعد نتبادلها. اذكر وانا في العاشرة اني قررت اراسل صديقة ما، شجعتني امي على تبادل الرسائل البريدية مع صديقة اسوانية اخذت عنوانها من كتاب "سماش" . تبادلنا الكثير من الرسائل على مدى سنوات، ربما ثلاث او اربع سنوات، دون ان نلتقي ودون ان نسمع اصواتنا عبر الهاتف سوى مرة واحدة. كانت تجربة ثرية بالفعل وقد وددت كثيرا ان احتفظ بالرسائل ولكني لا اعرف كيف اختفت. ربما لم اكرر هذه التجربة مرة اخرى لأني حين قابلت "كريمة" في منزلي بالقاهرة حيث كانت في زيارة مع ابيها، لم اجد ملامح كثيرة من "كريمة التي عرفتها في الخطابات"، كريمة التي في خاطري لم تكن هي من قابلتها، لم تكن صداقتنا حقيقية ولا حبنا..اعتقد ان الخطابات لها سحر خاص يضفي لمسة دافئة زائفة على العلاقة..اذكر الان رواية "الحب في زمن الكوليرا" - التي لا احبها بالمناسبة - كيف ان البطلة شعرت بزيف حبها لمحبوبها بالمراسلة فور ان رأته وقالت له "لم يعد بيننا شئ، ولم يكن هناك شئ". الان اعرف شعورها نحوه واصدقها انها احبته بالفعل في وقت ما ولكن السحر انتهى مفعوله فور اللقاء.
هذا ما يجعلني اضع يدي على قلبي في كل مرة اذهب لألتقي مع شخص ما عرفته من الشبكات الاجتماعية، اخشى ان تكون صورتي الذهنية عنه مخالفة تماما للواقع، طوال الوقت اخاف من ان اكون انا الزائفة مخيبة الآمال..ربما لهذا السبب توقفت كريمة عن مراسلتي عقب اللقاء بقليل وانا ايضا، لا اخفي عليكي، توقفت عن الكتابة لها ولم اهتم بعدم وصول خطابات اخرى منها او البحث عن صديق اخر لمراسلته.
كما ان الكتابة الحسية لم تعد تناسبني، اصبحت واقعية كثيرا وكوني زوجة وام جعلني اشعر بمسئولية كل كلمة وحركة بما يتناسب مع المكانة الاجتماعية الجديدة التي اكتسبتها بمروري من هذا الباب الذي يمنحه المجتمع أهمية لا يضاهيها شئ. هل اشعر باختناق مع هذه الاوضاع الجديدة؟ ربما، ولكني لا اسمح لـ "أميمة" التي عاهدتها بان تستسلم لأي ضغوط، لذلك بدأت اكتب مرة أخرى واحاول ان اقنع نفسي ان بعض الكتابة "الحسية" بالتأكيد سيكون رائع، رائع للعودة الى نفسي. بدأت اكسر حاجز خوفي من اللقاءات الاجتماعية المباشرة وقابلت الكثير والكثيرات من اصدقائي الفيس بوكيين، وقد كنتي منهن، ملكة المفاجآت التي اثبتت اني يمكنني ان اتخطى "كريمة" بصدر رحب وابتسامة واسعة ترتسم على شفتي في كل مرة افكر في ان التقي بك مرة أخرى :)

دافئة وبداخلك طفلة صغيرة ظهرت وانتي تتبادلي الالعاب مع ابنتي، لا اصدق ان ضحكتي انطلقت هكذا معك من اول لقائنا رغم اننا بالكاد تحدثنا عبر الفيس مرات معدودة وانا ابدو في اول لقاء دائما متحفظة ومتلعثمة احاول ان اداري خجلي داخلي وانا اتذكر نصيحة العم رامون الى ايزابيل الليندي عندما كانت ذاهبة لحفلة راقصة والخوف يقف حاجز بينها وبين التعارف الاجتماعي "لا تنسي..انهم خائفون اكثر منك" ولكن تفشل المحاولة غالبا. ولا اصدق ان ابنتي لعبت معك بسهولة هكذا حيث انها تأخذ وقتها بالكامل حتى تتعود على شخص ما وتلعب معه. 
أشكرك على فتح آفاق بعيدة بهذا اللقاء وبهذه اللعبة حيث اني قررت اكتب رسائل لابنتي على المدونة..لا اعرف ماذا سأقول ولكني سأترك لها رسالة هناك كلما شعرت بأهمية ذلك. لعلي اتخطى حاجز الامومة المقولب والمنكه بنكهات مصرية آكل عليها الضهر وشرب فأبدو اقرب لها من مجرد ام عادية توفر الوجبات الغذائية والملابس فحسب.

المخلصة دوما:
أميمة :)