Monday, February 25, 2013

عن ندوة علامة نصر بالجامعة الأمريكية

ما حدث في الجامعة الأمريكية اليوم في ندوة بعنوان علامة نصر عن المفكر الأسلامي نصر حامد ابو زيد ربما ليس له اهمية، ربما يكون أمر هامشي يمر مرور الكرام ولكني توقفت عنه ومنعني احترامي لكافة القامات التي كانت هناك من ابداء الغضب الشديد.

تم عرض فيلم وثائقي جيد جدا عن د. نصر حامد ابو زيد وفُتح باب المناقشة والأسئلة بعد الانتهاء منه. كانت د. ابتهال يونس زوجة ورفيقة درب د. نصر ذكرت قبل عرض الفيلم انها أسست مؤسسة لدراسة علوم القرآن باسم زوجها بعد وفاته. وكان سؤالي حول إمكانية تبسيط كتب وأفكار الدكتور نصر لتصل إلى العامة من خلال انشاء قسم داخل تلك المؤسسة لشرح وتبسيط الأفكار وأعطيت مثالا بكتابه دوائر الخوف الذي قراءته وأعيد قراءته مرة اخرى حاليا لتلخيصه وتبسيطه ونشره على مدونتي الخاصة ربما يصل لشخصا ما أراد الفهم وإعمال العقل. وتحدثت بإختصار عن التردي الذي وصل إليه خريجي الجامعات الحكومية وحاملي الماجستير والدكتوراه من حيث كل شئ تقريبا وكذلك المد السلفي الوهابي والأفكار الجهادية التي بدأت في الانتشار. وكيف إني كسيدة محجبة أعتبر في داخل السرب ومحافظة على تقاليده أخشى اني ربما لن استطيع ان امكث في هذا البلد طويلا اذا استمر الحال من التردي على ما هو عليه.
لم استطع إكمال فكرتي لأن هناك من قامت ونهرتني بقوة بصوت عال لأننا جيل جاهل لا يريد ان يقرأ وان هذه الفكرة ما هي إلا حماقة وان كتابات د. نصر بسيطة وسهلة ويمكن لأيا كان ان يقرأها دون عناء.. اعتقد انها تُدعى د. سيزا،. ومع احترامي الكامل لقامتها وسنها ولكن بعد هذا اتساءل لماذا الدهشة من الحجر على الأراء والأفكار من ما يسمى نفسه بالتيار الأسلامي؟!

انا كأميمة بشخصي آتية من بيئة شعبية بسيطة ولا أخجل ابدا من قول هذا. كل من حولي من خريجي الجامعات وربما لديهم قدر ضئيل من الوعي والثقافة وكلهم لا يعرفوا د. نصر حامد ابو زيد. وتعجبت جدا من دهشة كل من تحدث معي بعد الندوة من السادة الضيوف عندما عرفوا ان هؤلاء لم يسمعوا بدكتور نصر اصلا!

مقولة ان المثقفين والكُتاب جالسين في برج عاجي ليست مقولة من الفضاء بل انها مقولة تتأكد لي كل يوم عن سابقه. هناك فجوة شاسعة بين ما يطلقوا على انفسهم مثقفين وبين المصريين بشكل عام. لا أعرف ما المبرر القوي للتعالي في دولة لا تقرأ والمركزية الثقافية تتركز في القاهرة فقط.

عندما تحدثت مع د. ابتهال بعد الندوة قالت انها طلبت من د. نصر ان يبسط لغته ولكنه اعترض قائلا ان على الشباب ان يعاني من حتى يصل لهذا المستوى الفكري ويستوعب بنفسه. وكانت مؤيدة لرأيه قائلة ان لغته اكاديمية وان دورنا نحن كشباب ان نفهم افكاره ونعيد نشرها.

لا افهم ما كل هذا التعالي، ولا اقصد هنا د. ابتهال، من الكتاب والمثقفين لتبسيط افكارهم بدعوى ان العامة لابد ان يرتقوا بمستوى ثقافتهم. ألا تعرفوا إلى اي مدى وصل مستوى التعليم من تردي وتخلف؟ ألت تنظروا حولكم لتروا ان كل مشاكلنا حاليا تكمن في كم الجهل والتخلف؟ لو كان بيدي لكنت وزعت كتب مجانية في الشوارع ومحطات الاتوبيسات.

ما الفائدة من كتب تملأوها وتطبعوها ولا يقراها غير اصدقائكم وزملائكم من الصحفيين ومقالة هنا ومقالة هناك ومناقشة وندوة ومبروك أصبحت كاتب! بعد الندوة كان هناك حديث قصير مع الشاعر زين العابدين فؤاد. كنت انا وسيدتين آخرتين وللأسف لم يكن احد منا يعرف الشاعر وحدث ان أخطانا في اسمه اكثر من ثلاث مرات في دقيقتين فغضب بشدة وصاح فينا وكان الكلام موجه لي انا على الأدق قائلا "بتطالبي بتبسيط العلوم وانتي لا تقرأي شئ".. طبعا حاولت الاعتذار ولكنه مشى مبتعدا!

وانا ارى ان هذا يخدم فكرتي وليس ضدها، اعتذرت له بعدها بقليل وتحدثت معه عن مركزية الثقافة في القاهرة فقط واني انتقلت الى الاسماعيلية منذ زواجي ولم أجد هناك اي نشاط ثقافي فحدثني عن المركز الثقافي وابدى استعجاله الشديد. ولا أعرف كيف لأحد ان يتحدث عن المراكز الثقافية التابعة لوزارة الثقافة كمراكز ثقافية.

السؤال ماذا فعل كل ما يطلق على نفسه مثقف لأنقاذ هذا المجتمع من كل هذا الجهل؟ الشاعر الكبير الابنودي يعيش في الأسماعيلية منذ سنوات، ماذا قدم لهذه المحافظة؟

محافظة كبيرة في أهمية أسوان لم يفتتح فيها اي مكان ثقافي إلا منذ أسابيع وهو مؤسسة ديارنا للتنمية الثقافية وهو مجهود فردي يشكر  القائمين عليه وهو غير قابل للربح وقد اخذ منهم سنوات حتى يخرج للنور.

حدث أكثر من مشكلة بين مترجمين ودار الشروق وفي ندوة حول مشاكل المترجمين انعقدت في دار ميريت تم مناقشة أكثر من مشكلة. لماذا لا يجتمع المثقفون والمترجمون على مقاطعة دار الشروق حتى تلتزم بحقوق المترجم؟ من المعروف ان تلك الدار تدفع بشكل جيد للمترجم كما ان للكاتب نسبة من المبيعات والمعنى بين السطور لمن يريد الفهم.

منذ سنوات قليلة قامت مروة رخا بإطلاق حملة ضد دور النشر المصرية ودعت الى النشر الإلكتروني ومقاطعتهم. كانت مبادرة طيبة جدا ولكنها بالطبع لم تنجح ربما لانها لم تلق رواج بين مثقفي وسط البلد.

منذ عدة أسابيع قليلة قامت د. سحر الموجي بعمل ورشة كتابة بـ 1500 جنيه للفرد. مما يعني ان الكتابة أصبحت لطبقة معينة ويستمر التعالي!

لماذا لا يتم إطلاق مبادرة ونطلب من رجال الأعمال وكبار الكتاب ان يساهموا بأسهم في مكتبات يتم انشاءها على التوالي في المحافظات؟ انا اجد هذا اكثر اهمية من جائزة ساويرس ومن جوائز ساقية الصاوي وما شابه التي يتم توزيعها على كُتاب لا يعرفهم أحد خارج الوسط الثقافي وربما لا يعرفهم احد خارج "شلة" وسط البلد الثقافية. وهذه حقيقة اخرى لا يستطيع ان ينكرها أحد ان هناك كُتاب وشعراء مغمورين ولا يتم الكتابة عنهم لمجرد انهم ليسوا على "ليستة" شلة مثقفي وسط البلد. وكلنا نعلم تهافت الكُتاب على النشر في جريدة أخبار الأدب سابقا حتى يدخلوا من ذلك الباب/ الشلة. او يمانع أخرون تعاليا على تلك الشلة التي لن تقدرهم حق قدرهم.  

اعود مرة اخرى لنفس السؤال، ما فائدة كتب تكتبونها وأبحاث وأفكار ولا احد يعرفكم خارج حدود القاهرة والأسكندرية؟ ماذا فعلتم لشعب غارق في الجهل والتخلف ولا يوجد مؤسسات/ مكتبات/ مراكز ثقافية جادة في المحافظات والمراكز والقرى؟ في معظم الندوات وحفلات التوقيع لا نجد غير الكُتاب الزملاء والاصدقاء والمجاملين فقط. إنها حقيقة لا يستطيع احد ان ينكرها

ربما ما حدث هناك أمر شخصي فقط بالنسبة إليكم ولكنه لم يمسني بشكل شخصي وغضبي كان على المنظومة الثقافية ووسط ثقافي اعتبره مسئول بشكل أو بآخر عن كل ما حدث في الثلاثين عام الأخيرة من تاريخ هذا الوطن.

Wednesday, February 20, 2013

ما بين الأسود وريتشادر باركر

لم يكن ريتشارد باركر هو الحيوان الوحيد الذي  سافر على متن سفينة في المحيط وكاد ان يغرق. سبقه في هذه التجربة "الأسود" واستطاع ايضا ان ينجو أيضا من الغرق.


 ففي عام 1979عُرض الفيلم الأمريكي "الحصان الأسود" من انتاج المخرج الايطالي 
فرانسيس فورد كوبولا، مخرج "الأب الروحي". وهو يعتبر البذرة التي كبرت ورعرعت وطرحت في "حياة باي".
لم يكن الحصان سوى سبيل لتعويض الصبي عن غرق الأب مع السفينة وكذلك ريتشارد باركر  ولكن النمر كانت مهمته اكثر عمقا وحساسية، كان في ذاته رحلة للبحث عن الله في قلب المحيط.
يبدأ فيلم الحصان الأسود بداية مباشرة، سفينة في قلب المحيط، على متنها العديد من الجنسيات. من بينهم رجل عربي يصطحب معه حصان عربي اصيل غير مروض ويقوم بحبسه في حجرة صغيرة على السفينة. يجذب الحصان الطفل "أليس رمزي" إليه ويشفق عليه ويطعمه مكعبات السكر ويطلق عليه إسم "الأسود". وفي الليل يحكي لوالده عنه فيعطيه الأب مجسم لحصان اسود صغير ويخبره انه الحصان الخاص بالأسكندر الأكبر ويحكي له عن اسكندر الطفل الذي يروض الحصان الثائر البري ويكون اول من يمتطيه. في تلك الليلة تغرق السفينة ويستطيع الحصان ان يخرج من محبسه ويعوم برشاقة فينجو من الغرق ويصطحب معه الطفل أليس الذي يتمسك بحبل مربوط في رقبة الحصان. وينتهي بهم الحال فوق جزيرة صخرية خالية من الحياة وحدهم. وسريعا تتوج محاولات الطفل بالتقرب من الحصان بالنجاح ليبدأ الفيلم بدايته الحقيقية بعد ذلك.
تضع الصدفة أليس في بيت متسابق ومدرب سباقات خيل سابق وبعد احداث قليلة يبدأ في تدريب الطفل على امتطاء الحصان وترويض الأخير ليكون حصان سباق ماهر. وبالفعل يتمكن من اشراكهم في اكبر مسابقة للخيل رغم ان الحصان بلا اوراق تثبت هويته واصالته ويفوز الطفل بالسباق وسط دهشة الجمهور والمتسابقين الآخرين واعجابهم في نفس الوقت. استطاع أليس هنا ان يتخطى وحشة فقد الأب وترجمة قصته الأخيرة له عن الأسكندر على أرض الواقع. فالحصان الثائر هو الحياة التي روضها أليس بمفرده بعد رحيل الأب المفجع والمفاجئ. 
ما تتداوله الشبكة العنكبوتية ان الفيلم من إخراج المخرج الإيطالي فرانسيس كوبولا  خطأ، انه فقط المنتج المنفذ. بينما الفيلم من إخراج المخرج الأمريكي كارول بالارد. يشوب الفيلم بعض المشاهد التي ترفع الضغط، مثلا لم يعالج المخرج إشكالية المياه الصالحة للشرب. لم نرى طوال الوقت الذي قضاه أليس وحصانه فوق الجزيرة الصخرية مياه صالحة للشرب ولا نعرف كيف استطاعوا مواصلة الحياة بدون ماء. كما انه مر مرور الكرام على مشكلة توفير الطعام لكلا الطفل والأسود. اتذكر هنا أفلامنا العربية عندما يدخل البطل لمنزله ويمارس الحب مع ممثلة ما بينما لم يغلق باب الشقة وراءه، في إستطاعة هذا ان يعكر صفوي ومزاجي للأبد، فأظل طوال الوقت أردد انه لم يغلق باب الشقة. على المخرجين ان يراعوا مرضى الوسواس القهري ومن هم على شاكلتي.
ومن المتداول ايضا ان الفنان العالمي الموسيقار النوبي حمزة علاء الدين قام بوضع الموسيقى التصويرية لذلك الفيلم وهذا ايضا غير صحيح. فالفنان النوبي الرائع لم يشارك في صُنع هذا الفيلم من الأساس.


ونعود لريتشارد باركر صاحب المهمة الأسمى. في الحقيقة أجد ان حياة باي أكثر إيلاما ووجعا. فالحصان الأسود من الأفلام صاحبة النهايات السعيدة التي لا تشبه الحياة في شئ ولكن باي كان مؤلما حتى اني أكره ان أقول أن لن استطع ان اشاهده مرة أخرى دون مرارة. ليس في الأمر مبالغة، فالنمر الذي لا يلتفت لصاحبه بعد كل هذه المخاطر التي مروا بها سويا وبعد كل هذه المشاعر التي تدفقت بينهم في ليال طويلة وسط المحيط، يشبه الواقع بكل قسوته وجبروته. ونحن نهرب لخيالنا حتى نتناسى هذه القسوة، فكيف لي ان أعود لرؤيته بإرادتي الحرة؟
حياة باي يبدأ بداية مختلفة عن الأسود في محاولة لإضفاء عمق على شخصية باي وتسامح مع الأديان التي تحلق في سماء دولة عظيمة كالهند. نجد باي هندوسي نباتي أقرب للصوفية ثم نجده يؤمن بالمسيح ويدخل الكنائس وفي مشهد آخر يصلي صلاة المسلمين في خشوع. ربما تكون مبالغة ولكنها ليست ببعيدة عن الواقع. يركب باي السفينة مع اسرته انتقالا الى كندا تاركا وراءه حب حياته وذكرياته. وتنتقل الحيوانات معهم  لبيعها في العالم الجديد. وتغرق السفينة في مشاهد مشابهة لغرق سفينة أليس وينجو من الغرق باي ومعه في القارب قرد وضبع وحمار وحشي والنمر ريتشارد باركر. لابد من رؤية الفيلم لأن المشاهد التالية، بالنسبة لي، عاصية على الحكي والوصف. فطالما غبطت صناع السينما على مشهد واحد كامل صوت وصورة وألوان ومشاعر متدفقة من الشاشة إلينا، نصفه نحن بالكتابة في صفحات طويلة وقد نفشل في معظم الاحيان في التعبير عنه في النهاية.
ولكن اعتقد انه في إمكاني التسامح مع ذلك النمر/ الحياة. لذلك اوجه إليه رسالة كتبتها مباشرة بعد مشاهدتي للفيلم: "عزيزي ريتشارد باركر في قلب الغابة: أعرف انك بخير وانك حيوان ماهر ويمكنك التأقلم في عالمك الجديد ولكني تعيسة يا ريتشارد.. انا أؤمن بروح الحيوان وأؤمن باخلاصه في الحالات الاستثنائية.. مازلت اعتقد ان في امكاني ان اكون صديقة لأسد أو لحمار وحشي ومازالت فسحتي المفضلة هي الذهاب لحديقة الحيوانات.. لماذا تصرفت هكذا إذن؟ لماذا خذلتني وخذلت باي؟ لماذا لم تنظر وراءك؟ هل تؤمن بأسطورة عامود الملح؟ انها اسطورة بشرية حمقاء لا احبها.. ليس النظر الى الخلف دائما يجمدنا، ربما فقط يترك بداخلنا مسحة حزن شفيف انساني. استطيع ان اسامحك وأتخيل انك حيوان جاد عملي تضع قناع القسوة على وجهك وتحاول ان تبدو خشن الطباع لا تبالي بما حولك ولكنك وودت ان تنظر نظرة الوداع ومنعت نفسك بصعوبة وانك الآن في الغابة تئن من الحنين وتود في اعماق قلبك ولو تركت نفسك لتلك اللحظة الفريدة التي لن تتكرر في حياتك مرة أخرى"
 الفيلمان مأخوذان من روايتين وهذا يؤكد على عظمة الأدب رغم فكرتي المشوشة عن انسيابية السينما مقارنة به.  وكلاهما ملهم بطريقته رغم سذاجة سبعينية الحصان الأسود التي لا يضاهيها نمر الألفية الجديدة.



Thursday, February 14, 2013

مصر "التي" لنا

بقالي شوية حلوين كده بادور على مكان هادي اقضي فيه يومين بعيد عن ضغط الشارع المصري والاخبار السياسية. ركزت مع المواقع الالكترونية المخصصة للعروض  والتخفيضات زي دير اند ديل وأوفرنا. بيقدموا عروض هايلة وبأسعار مناسبة. المواقع دي بتكون مقسمة العروض بتاعتها تحت بنود زي سفر وسياحة، والكترونيات، ومطاعم وهكذا وانت بتختار البند اللي يهمك وتتسوق من خلاله. في مرة دخلت على الصفحة الرئيسية لقيت عرض  لسهل حشيش بالغردقة  مستخبي في صفحة داخلية، المفروض يكون تحت بند السفر بس هو مش موجود هناك في سابقة الاولى من نوعها، وانا متابعة جيدة للمواقع دي.
ايه هو سهل حشيش؟ ده مكان يبعد عن الغردقة بحوالي ساعة. المكان تم بناءه وتأسيسه ليكون مناسب للأثرياء، منتجعات من الدرجة الاولى العالمية، ملاعب جولف، ملاعب تنس، سمعت ان في مدينة فرعونية تحت الماء تعتبر الأولى من نوعها لهواة الغطس، مارينا لسياحة اليخوت اللي هي اغلى انواع السياحة في العالم وكمان في بقى كوبري علوي بداخل حدود البحر ويصل إلى بعد 250 متر وده انا مش عارفة يعني ايه بس واضح انها حاجة فخيمة.


ايه هو العرض بتاع سهل حشيش بقى: جناح صغير فاخر مكون من ريسبشن صغير وغرفة نوم ومطبخ وحمام. الجناح بيبص على حمام السباحة وبيشوف البحر، المكان ده بـ 4000 الاف جنيه وطبعا لظروف البلد والاحداث الساخنة اضطروا يعملوا تخفيض يصل الى 900 جنيه لمدة 3 ليال اربع ايام بالمبيت فقط. طبعا العرض وهمي والمكان ده في ظروف طبيعية ماكناش نحلم اننا نعدي من جنبه اساسا.
اراضي البحر الاحمر، اللي من ضمنها سهل حشيش، اكتر ارض اتسرقت يمكن في التاريخ.. تم بيعها ايام النظام السابق المتر بدولار واحد أو اكتر من كده بحاجات بسيطة لرجال اعمال من جنسيات اخرى، ده غير طبعا رجال الاعمال المصريين الهمام.

بعد الثورة طبعا مافيش اي حاجة اتغيرت والاخوان اللي هما الحزب الحاكم حاليا 
مشغولين في الهيمنة على مؤسسات الدولة فمش فاضيين لأي حاجة تانية اطلاقا. لكن مش هاننكر يعني ان السياحة الداخلية انتعشت شوية على الاقل بالنسبة لي وبالنسبة لكل من حولي بسبب ان اسعار الفنادق في النازل بسبب الاحداث. وده مكتسب لو تعلمون عظيم زي اسعار المانجة كده لما انخفضت وبصراحة أكلت مانجة السنة دي عمري ما اكلتها في حياتي ولا في الكم ولا في النوع.


كلنا نعرف، اتعرضنا شخصيا او سمعنا، عن معاملة المصريين في شرم الشيخ او البحر الاحمر قبل الثورة وازاي كل مصري مش ابن كلب، اقصد مش ابن ناس بالنسبة لهم، بيتم  التعامل معاه على انه حاجة حقيرة جاية تلوث المكان ابتداءا من ظباط الداخلية الحلويين الى الناس اللي شغالة هناك في السياحة وبتعيط حاليا على كم الخسائر بعد الثورة. احب اقولك ان الاسعار انخفضت ده حقيقي وفي مقدورك تروح شرم والغردقة وفي فنادق 5 نجوم كمان بأسعار هبلة لكن المعاملة السيئة مازالت موجودة وكأننا حشرات. لازم تكون تنك وبتدي على الدماغ من تحت لتحت. طبعا ده ماحصلش معايا لما كنت في الغردقة من كام شهر عشان انا باعرف للأسف اتنك كويس لكن المعاملات السيئة موجودة من المصريين اللي شغالين هناك ومستمرة عادي جدا.
المهم انا لفت نظري بقوة ان عرض سهل حشيش اياه مستخبي ومش تحت بند سفر في الموقع بتاع العروض ودي رسالة دلالتها انهم مهتمين جدا ان العرض لا يتم طرحه قدام كل الناس عشان ما تجيش عامة الناس تلوث المكان رقم واحد في السياحة العالمية، المكان المخصص لسياحة الاثرياء وملاعب الجولف ومراكز الغطس وكده بقى.

الجدير بالذكر ان اهل الغردقة نفسهم اللي هما جيران شارع شيري اشهر شوارع الغردقة السياحية وجيران مارينا اليخوت وجيران الهنا متبهدلين. الاهتمام هناك بالمناطق السياحية بس يعني شارع سياحة وراه حي شعبي لا تصل اليه المياه الصالحة للشرب مثلا. مش بس كده قامت المحافظة ببيع جميع الأراضي الواقعة على شاطئ البحر مباشرة وحرمان سكان المدينة من التمتع بشواطئ المدينة والتي تملكتها الفنادق والقرى الخاصة وقامت بفرض رسوم مرتفعة جدا من أجل السماح بالوصول إلى الشاطئ أو منعت سكان المدينة من الوصول إليه بالمرة. ويعتبر عدد الشواطئ العامة بالمدينة زهيد جدا ولا يتناسب مع طول ساحل المدينة ولا مع عدد السكان، دي حتة كوبي بست كده.
بس في الحقيقة ده مش بس في البحر الأحمر، عندنا مكان زي الاسماعيلية مثلا اللي محتلها شركة قناة السويس وواخدة افضل شواطئها ومانعة دخول الغير عاملين في الشركة اليها وكأننا جربة مثلا. وطبعا الشواطئ العامة قذرة قذارة الخفافيش الليلية.  بس ده موضوع تاني هابقى احكي عنه بعدين في بوست اخر.
الحقيقة ان الفساد وصل للركب وان الثورة عرت كل اللي كانوا فاكرين نفسهم متغطين وبينت اد ايه مصر عمرها ما كانت لنا ابدا. المهم انا قلت انشر العرض الجهنمي الرهيب واقولكم روحوا استمتعوا بشواطئ سهل حشيش، استمتعوا بتخفيض يصل الى اكتر من 3000 جنيه. روحوا نكدوا على الاثرياء اللي سرقونا بقلوب متحجرة وماكنش في حد منهم عنده ضمير يقول لأ حرام او يا عيني المصريين المفروض ما يتعملش معاهم كده. انا كنت باقول طيب يفتحوا الاماكن دي للعامة ويحطوا قوانين بقى للنظام والنظافة، قوانين جامدة شوية، بس دلوقتي باقول لأ.. قولي لجارتك او زميلتك ام محمد في الشغل خليها تاخد حلل المحشي وتروح تقعد على الشاطئ الباهظ.. نكدوا على اللي خلفوهم، اقرفوهم وخدوا معاكوا بطيخ وارموا لبه في البحر.. باختصار استمتعوا :)


    

Sunday, February 10, 2013

ما لا تصنعه الثورات

اسمع جانيت عبد العليم منسقة مبادرة "شفت تحرش" في إحدى التصريحات التلفزيونية تقول ببساطة ان التحرش كان متواجدا من بداية الثورة ولكننا صمتنا للحفاظ على قدسية الميدان وجلال الثورة.
اسمع هشام قنديل رئيس وزراء المحروسة يتحدث بهدوء عن سيدات يتم اغتصابهن في الحقول بمحافظة بني سويف.
اسمع ابو اسلام ممزق الأنجيل في حديث متداول عن ان اللاتي يتم اغتصابهن ارامل بلا رجل "يلمهن" وصليبيات.

في المقابل يطرح حزب مصر القوية اقتراح بعمل مواصلات خاصة بالسيدات في شوارع مصر. ولا أحد من جبهة الانقاذ/المعارضة تشير الى حالات الاغتصاب في الميدان والمناطق المحيطة. ولا أحد من الأخوان الذين صدعونا بمشروعهم ودستورهم بأنهم جاءوا لحفظ المرأة وصيانة كرامتها وحقها في الحياة باسم "دينهم". وفي النهاية  نغلق اليوتيوب لمدة 30 يوم بسبب الفيلم المسئ للرسول ونصرة للدين. ألا تكبرون؟

ثورة من بدايتها تتجاهل كم الاهانات الموجهة للسيدات الثائرات "رفيقات الميدان" كما يطلق عليهن ولا تلتفت أوتعترف بما يحدث الا عندما وصل الامر الى الاغتصاب بآلات حادة وتشويه الاعضاء الحسية للسيدات. كيف تستطيع ان تحمي بلد وتواجه الكوارث التي تحدث يوميا.
شعب انتخب جماعة اسلامية لا يجد اي غضاضة في اغتصاب بعض السيدات طالما ارتضين النزول في مظاهرات والاحتكاك المباشر بالرجال. يتمثل، هذا الشعب، في ما يسموا انفسهم بالأخوان المسلمين ومؤيديهم من المسلمين والاصلاحيين واصحاب المصالح وهم كُثر يستطيعون ايجاد تبريرات مريخية لتصريحات قنديل ولممزق الانجيل.
وحزب يسمى نفسه بالمعارض احيانا لا يجد اي غضاضة في بداية اقصاء المرأة المصرية عن المشهد تدريجيا بحجة حمايتها من المتحرشين.
وعزة الجرف تطل علينا بوجهها الممتقع فوق كل هذا الخراء. نحن نسبح في عمق مستنقع من العفانة والفساد والجهل.
بعد ان نعترف ان لا شئ سيصلح من حال هذا المستنقع ولو بمعجزة ونلمم اوراقنا ونترك  كل شئ وراءنا. سنقض ما تبقى من العمر في محاولة نسيان كل ما حدث. سنقوم بقص الجزء الخاص باخبار مصر من الجرائد. وسنمحو القنوات الفضائية الخاصة بهذا البلد. سندعو الله كثيرا ان يبعثنا في حياة أخرى ليس فيها كل هذا الفشل والخذلان والجهل.

كنت اغبط اجيال الستينات والسبعينيات على وجود قضية في حياتهم. وجود هدف كالثورة او الهزيمة او النصر جعل من حياتهم معنى واعطاهم حياة فوق حيواتهم التافهة الفارغة. رغبت في ثورة من كل قلبي لانقاذ هذا الجيل ، لاضافة نكهة ماعلى كل هذا الفراغ والقرف. ثم قُهرت بعد قيامها. صحيح ان المعركة طويلة وتحتاج لنفس طويل ولكنها تحتاج قبل ذلك الى انسانية تتفهم ما هو الشعور الانساني الفطري بالحرية والكرامة والعدالة. وذلك مع الأسف لا تصنعه الثورات.

Monday, February 4, 2013

رولد صاحب مصنع الشيكولاتة


 كان كالطفل الكبير السيئ الذي يخطط لاستعداء كل من يقابله بشعوره بعظمته وكبريائه. وبرغبة لحوحة في ان يصبح ثريا كان رولد دال قادرا على وضع الحكاية الشعبية بدهاء في كتب للاطفال، الاطفال الذي احب ان يرى عالمهم الداخلي الفوضوي على الورق. تشارلي ومصنع الشيكولاته، العملاق مستر فوكس، ماتيلدا كل هذه الحكايات الخرافية المعاصرة تسمح للقراء الشباب بان تشرد في بعض الاماكن المظلمة جدا ثم تعود الى المنزل في الوقت المحدد للشاي.
عانى كثيرا من الفوضى وانتهى المطاف بقصصه القصيرة التي كان ينشرها في مجلة new yorker خلال الخمسينيات الى مجلة Playboy الاباحية. ولقد اخذت منه روايات مثل جيمس والخوخ الكبير وتشارلي ومصنع الشيكولاته سبع سنوات ليجد لهم ناشر بريطاني. في خضم هذه الفوضى، دعم دال نفسه بكتابة سيناريوهات افلام لهوليوود والتي انتهت بوضع اسم شخص اخر غيره على 
افيش هذه الافلام. فيلمي "انت تعيش مرتين فقط 1967" وتشيتي تشيتي بانج بانج 1968.


 رغبته اللحوحة في الثراء لم تكن من فراغ فلقد احتاج دال الى المال ليس فقط من اجل كلابه او اقتناء ما يحبه من الفن الحديث او عادته في التباهي باعطاء الهدايا ولكن لانه صاحب اعلى  فواتير طبية على الكوكب. فلقد تعرض لحادث مع اسرته باحدى شوارع نيويورك عام 1960 ترك ابنه ثيو بتلف في المخ تبعه كارثة السكتات الدماغية التي عانت منها زوجته الممثلة الامريكية باتريشيا نيل تلك الازمة الصحية التي كانت في استطاعتها اعلان افلاس اغنى الرجال. فعمل دال كشيطان لانه اضطر الى ذلك ليستطيع تمويل نظام الاطباء والتمريض الممتد بجانب العديد من المربيات ومديرات المنزل والبستانيين الضروريين للحفاظ على بيته البوهيمي الذي وقع في غرامه. فهذه الظروف المعقدة سمحت له بالاختباء في كوخ الكتابة بحديقة منزله كل صباح للحفاظ على الاموال القادمة.
لقد كانت بالفعل بطولة عندما رفض دال تكهنات الاطباء المحدودة حول صحة ابنه وزوجته. ورغم احباطه لان المجرى الذي تتدفق منه السوائل من مخ ثيو تعطل الا انه استطاع ان يساعد الاطباء على تصنيع اخر جديد. الحيوية وهي الصفة المفضلة لديه في كلا من الرجال والنساء، كانت الطريق التي رافق بها نيل لتستعيد بها حركتها وحيويتها التي بقيت بشكل لا يصدق حتى اخر رمق لها وسرعان ما عادت للتمثيل مرة اخرى بعد شفائها. وقد كان هذا في الوقت الذي فقد فيه الاطباء الامل خاصة بسبب الجنين الذي لم يجهض بفعل الحادث.
ورغم كل هذه المعاناة لم تخلة حياته من الفكاهة والسخرية. فقد كان للاسماء المضحكة تأثيرها في ادبه. ففي رواية دال تشارلي ومصنع الشيكولاتة والتي ربما لا تكون شائعة وسط الاطفال كان رائع في اختيار اسماء شخصياته بشكل لا ينسى مثل ويلي وانكا الذي ادى دوره الممثل الامريكي جوني ديب. وفي المجلد الثاني من مذكراته الذي نشر عام 1986 يحكي دال عن رحلته الى افريقيا بالباخرة وعن احدى الركاب الذي كان متحفظا تجاه صلعته، فلقد كان بحوذته الكثير من الشعر المستعار المتباين الطول حتى يستطيع ان يحاكي الشعر الطبيعي. كان شخص غريب الاطوار يرش ملح انجليزي على سترته ليبدو كقشرة شعر متناثرة. الجزء الطريف في الحكاية ان هذا الشخص يسمى بما معناه "الامم المتحد اللاذعة". ويضيف دال "لم استطع تصديق ان هذا هو اسمه الا عندما رأيته مكتوب في حقيبة سيارته".
روالد دال الذي مازالت كتبه تلهب خيال الاطفال بعد 20 عاما من موته تتسول اسرته الان الاموال لترميم سقيفة كوخه الذي ابدع فيه اعماله الخالدة. هناك القليل من التفاؤل يجعلهم يتوقعوا تفشي الروح الانسانية عندما اطلقوا مناشدتهم لدفع خمسمائة الف جنيه استرليني لعملية الترميم.
انطلقت حملة انقاذ البيت وفتحه امام الجمهور في ذكرى ميلاده الـ 95 ولم تلق الاحتفاء المتوقع فبدلا من استقبالها بترحاب لاقت على شبكة الانترنت حملة من السخرية مع عدم التصديق ان الاسرة التي تستفيد من بيع كتب دال حتى الان لا تملك المال لترميم البيت بنفسها. مع الشك في ان ازالة البيت بمجمله وايداع محتوياته متحف محلي مهدى الى اعمال دال سيكلفهم مبلغ اكبر.
من احدى التعليقات على تويتر "انا احب روالد دال لكن نصف مليون جنيه لترميم السقيفة؟ وحقوق المؤلف لا تغطي هذا؟" وعلى الموقع الالكتروني لصحيفة Daily Telegraph تصف تعليقات القراء عائلة دال بأنها بخيلة وطماعة "دعوهم يرمموا سقيفتهم اللعينة بأنفسهم". وقد وجدت حفيدة دال، عارضة الازياء صوفي دال، نفسها في مأزق حرج بعد ان وصفها القراء بالوحش الكبير البخيل بعد تصريحها بأن عائلتها تريد مشاركة القراء ابداع وخيال دال اللامحدود.
تقول اماندا كونكي، رئيس متحف رولد دال في ميسندن العظمى بانجلترا ومدير ممتلكات المؤلف الادبية "بعض الاشخاص يسألونني عن البيت وعن محتوياته واذا كان سيبقى ليستطيعوا رؤيته".
والجدير بالذكر ان البيت مازال يحتوي على بعض مقتنيات دال مثل الكرسي الذي كتب عليه دال مؤلفاته تشارلي ومصنع الشوكولاته، ماتيلدا، جيمس والخوخ الكبير والمارد الودود الكبير، والوسائد الصفراء التي جلبها من الولايات المتحدة ليكتب فوقها وكرة كبيرة بغلاف من ورق الفويل وبقايا حلويات كان قد امتصها في لحظات الالهام.
كل هذا سيتم تجميعه ووضعه في المتحف كما تركهم عندما توفى في عام 1990. برغم ان البيت نفسه الذي بنى عام 1950 بواسطة اصدقائه ينبغي الا يترك حتى يسقط ويتهدم، فلقد بنى من طبقة واحدة من الطوب مغطاة بالبوليسترين لذلك فان الامل ضعيف في ان يبقى لفصل شتاء اخر.

ترجمة واعداد: اميمة صبحي
 نُشر في اخبار الأدب أكتوبر 2011

حجرة روالد دال


لم أذهب كثيرا الى الكوخ لان بيت القصيد منه هو الخصوصية حيث استطاع روالد الكتابة دون مقاطعة. كل شئ بداخله كان مرتب ليكون مكان خاص بالكتابة: الكرسي ذو الذراعين مصاحب لوسادة في الظهر ليصبح مريح اكثر. لديه كيس للنوم يضع به قدميه عندما يكون الطقس باردا وكرسي خاص بالقدمين ليريحهما فوقه. كان لديه ترتيب "روالدي" مميز للكتابة، منضدة يضعها فوق اذرع الكرسي وبجانبه سلة ورقية، كان لا يحب التحرك كثيرا اثناء الكتابة لذلك وضع كل شئ في متناول يديه وهو فوق الكرسي. يحب الكتابة على ورق اصفر بأقلامه الرصاص المفضلة. كان معتاد ايضا على التدخين وقد بقى رماد سجائره حتى هذا اليوم.
 المنضدة المجاورة للكرسي عليها شتى انواع الذكريات: جزء من عظمة استئصلها من عظام وركه وهناك كرة من الورق المفضفض الذي يغلف الواح الشيكولاته جمعهم اثناء شبابه واخذت في التضخم ككرة ثلج. كما ان هناك اشياء عديدة ارسلت له من قبل المعجبين او بقيت معه من فترة طفولته.
على الحائط خطابات مدرسية وصور عائلية. الصور التجريدية خلف رأسه صور مرجعية رسمتها بنفسي. كان يبقى الستائر مغلقة فلا يقاطعه اي شئ خارجي او يقف حيال ما يتخيل من قصص. كان يذهب الى الكوخ في الصباح الباكر ليكتب حتى موعد الغداء ولا يعود للكتابة في فترة الظهيرة ولكنه يعود ليعدل ما كتبه بعد ان تطبعه سكرتيرته.
لقد كتب في هذا الكوخ طوال فترة عملنا سويا التي وصلت لخمسة عشر عام منذ 1975 الى 1990، كنت ارسم حكاياته وقد رسمت حفنة من قصصه. كنت امرر عليه رسوماتي ليراها بينما انتظره في حجرة الطعام في منزله، فأنا لا اذكر ابدا انه ترك احد يدخل كوخه الذي مازال موجود في ساحة المنزل الخلفية الى يومنا هذا.

روالد دال كاتب بريطاني من أشهر اعماله تشارلي ومصنع الشيكولاته.


ترجمة: أميمة صبحي
عن الجارديان - 2009

حجرة بالار


تسيطر على حجرتي صورة زيتية ضخمة، نسخة من لوحة "انتهاك" للفنان السريالي البلجيكي بول دلفو، اللوحة الأصلية تم تدميرها في القصف البريطاني الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية 1940، وقد كلفت رسام اعرفه، بيرجيد مارلين، ليرسم نسخة مقلدة من اللوحة. لم أتوقف قط عن النظر لها ولسيدتها الغامضة الجميلة. في بعض الأحيان اعتقد اني سأذهب لأعيش بداخلها وفي كل صباح انبعث منتعشا، انه حلم الرجل.
يوجد صور لأحفادي الأربعة (واحدة بجانب صورة لصديقتي كلير ولكنها خارج اللقطة). البطاقة البريدية عن لوحة للفنان سلفادور دالي "إصرار الذاكرة" رسمتها ابنتي، وهو أعظم رسام في القرن الواحد والعشرين. على المكتب آلتي الكاتبة اليدوية القديمة، التي وجدتها مؤخرا في درج خزانتي. أوحى إليّ استخدامها من خطاب لويل سيلف الذي كتبه على آلته الكاتبة اليدوية وحتى الآن أحدق في الماكينة بدون التجرؤ على لمسها ولكن من يعلم؟ المسودات الأولى لرواياتي تمت كتابتها كلها بخط اليد وبعد ذلك كتبتها على ماكينتي الكهربائية القديمة. ولقد قاومت فكرة الحصول على كمبيوتر لأني ارتاب بكل ما يخصه، حتى الآن لا اعتقد ان هناك كتاب عظيم كتب على الكمبيوتر.
عملت على هذا المكتب في الـ 47 سنة الأخيرة، كتبت كل رواياتي فوقه وكل الأوراق القديمة متكدسة عليه كالعقبة. كرسي حجرة المائدة القديمة جلبته أمي معها من الصين ومن المحتمل ان يكون واحدا مما جلست عليهم أثناء طفولتي لذلك فهو يعرفني من وقت طويل.
يوجد باب مطبوع عليه لوحة للفنان الاسكتلندي باولوزي ويعمل الآن كعائق أمام القطط في شهور الصيف، قطط الجيران يتمتعوا بحنان كثير وفي الصيف يقفزوا على مكتبي ويحركوا أوراقي بعنف شديد وكأنها في زوبعة، إنهم الأعنف نقدا على الإطلاق.
اعمل لثلاث أو أربع أيام في الأسبوع في وقت متأخر من الصباح وأول الظهيرة ثم اخرج في نزهة لأعود في الوقت المناسب لاحتسي كوكتيل الفواكه الحامضة.

جيمس جرهام بالارد، روائي انجليزي ومن أشهر أعماله روايتي "اصطدام" و"امبراطورية الشمس" وتم تحويلهم لأفلام سينمائية.



ترجمة: أميمة صبحي
عن الجارديان - 2009 

حجرة سيمون جراي


هذه هي حجرتي بعد ان قمت بتنظيفها لتكون جاهزة للتصوير، التقط المصور هذه اللقطة من الشرفة التي لا تظهر في الصورة، وتحتوي على منضدة وكرسيين مصنوعين من الحديد، اجلس هناك عندما يسمح الطقس بذلك أو عندما احتاج للتفكير والتدخين بالخارج. كتبت هوامش أول مسرحياتي على الاله الكاتبة التي فوق هذا المكتب وكتبت يومياتي بخط يدي على ورق اصفر اللون. الكرسي الدوار يسمح لي بالتحرك دائريا لمشاهدة شاشة التلفزيون في ركن الحجرة بأقل جهد ممكن. أعلى المكتب يوجد صورة مرسومة لكلبي هازل الذي نفق منذ حوالي 30 عام رسمها صديق لي. على الرفوف أعلى وبجانب المكتب يوجد مجموعة غير منسقة من الأقراص المضغوطة والكتب وصور فوتوغرافية لأطفالي وأحفادي وصورتين لاخواي المتوفيان نيجل وبييرز بجانب بعض البطاقات البريدية التي أحبها أو التي جاءتني من ناس أحبهم.
على المكتب الآخر يوجد الكمبيوتر الذي أدون عليه مسودات مسرحياتي وأخيرا محتوى الورق الأصفر. على الرف الذي يعلوه نسخ من أعمالي وبعض الصور الفوتوغرافية اثنان منهم للوريل وهاردي  اللذان اعشقهما.
على عتبة النافذة هناك صورة فوتوغرافية للشاعر والناقد ايان هاميلتون ،وبدا أنه على وشك أن يضحك.
 كأس من فضة اعتدت ان اشرب به الشامبانيا ولكنه الآن ممتلأ بالعملات المعدنية وعلى رأسها كرات الكريكيت بجانب كرتين أخريين واحدة قابعة في إبريق كريم والأخرى في السكرية وقد عرفتهما منذ طفولتي. هذه الكريات غالبا كانت هدية ولكني لا أستطيع ان أتذكر من أعطاني إياها.
افترض انه من الواجب علي ان أفسر سبب بعثرة ملابسي وأحذيتي، السبب هو إنني أميل إلى استخدام حجرة الكتابة كحجرة ملابس وسبب بعثرتهم هو انها حجرتي وأستطيع ان افعل بها ما يحلو لي إلى ابعد الحدود.

سيمون جراي، كاتب روائي ومسرحي بريطاني


ترجمة: أميمة صبحي
عن الجارديان - 2009

Friday, February 1, 2013

حجرة جراهام سويفت


تلك الصورة هي نهاية  حجرة بها الكثير من العمل الدءوب على شكل حرف
L
بها ثلاث جدران مغطاة بالكتب وسجادة تركية. رف المدفأة على اليمين فوقه الكثير من القصاصات ومعلق أعلاه بعض الصور، كل هذا من اجل جعلي متواري عن الأنظار. المنظر من خارج النافذة ليس مثير للاهتمام لكن على أي حال أنا اكتب والستائر المعدنية مسدلة لا يهم ما هو حال الطقس أو في أي وقت من اليوم.
أكثر الأوقات المفضلة لدي هي الصباح الباكر، نادرا ما اسهر ليلا، اكتب بيدي مستخدما الكمبيوتر فقط في المراحل النهائية من الكتابة، احتاج للحبر وإمكانية مسح ما كتبت وكأني طفل صغير فأنا مستخدم جيد لسلة المهملات.
تم تصميم الحجرة بطريقة تجعلها منظمة وفاعلية، لا يوجد مكتب، فقط سطح خشبي ممتد من الحائط للحائط المقابل بأسفله أربع أدراج لحفظ الملفات، فلن تجد مساحة كبيرة. في الواقع أنا في مكان ما بين النظام والفوضى العارمة مع نزعة متزايدة نحو فوضى مستنيرة. وقد توصلت لاستنتاج ان أفضل نظام هو إقحام الأشياء داخل أكوام ثم تذكر أين وضعتها. هذه طريقة على نحو مذهل آمنة وموثوق فيها، ويبدأ الإزعاج عندما يبدأ النظام. عندما تخفق الأمور أيضا اعتمد على الإله الهندي جنشا الذي يجلس أمام النافذة ويزيل العقبات. تطلق زوجتي على منظومة الألوان "احمر ثقيل" بينما أطلق عليها أنا "الأحمر الدافئ".
لقد انتهيت من 6 روايات في هذه الحجرة، امكث فيها بشكل يومي معتاد ولكن من هنا ولاحقا اجلس في الخلف (هناك كرسي كبير بذراعين خارج اللقطة) انظر حولي أتأمل الحجرة والأشياء التي جمعتها عبر السنين، الصور الطبيعية والفوتوغرافية، الأشكال والتماثيل المنحوتة الشرقية والأفريقية وبالطبع الكتب، وأفكر يالها من حجرة لطيفة للتواجد بها. تخفي هذه الصورة الحاجة الماسة لتغيير سجاجيد الارضية.

الكاتب البريطاني جراهام سويفت. حائز على جائزة البوكر 1996.


ترجمة: أميمة صبحي
عن الجارديان - 2009